
هل تؤمن بأن قدراتك قابلة للتطوير والتحسين؟ إذا كانت إجابتك نعم، فأنت تمتلك مفتاح التقدم الوظيفي في عالم العمل المتجدد. بين عقلية ثابتة تحد من تطورنا، عقلية نمو تستفيد من كل إمكاناتنا، يكمن الفرق بين الركود والتقدم في مسيرتنا المهنية. صاغت عالمة النفس كارول دويك مفهوم عقلية النمو(Growth Mindset) ، حيث تؤكد أن الأفراد الذين يؤمنون بأنهم قادرون على تطوير مهاراتهم من خلال الجهد والتعلم المستمر يحققون نجاحًا أكبر مقارنةً بمن يمتلكون "عقلية ثابتة" (Fixed Mindset). كيف يمكن لهذه العقلية، ، أن تفتح لنا فرصًا مختلفة؟ وكيفية تطوير عقلية النمو للتقدم الوظيفي؟ حديثنا اليوم للتعرف عن عقلية النمو بشكل أوسع.
عقلية النمو مقابل العقلية الثابتة
عقلية النمو
هي الاعتقاد بأن الذكاء والمهارات ليست ثابتة، بل يمكن تطويرها من خلال الجهد والتعلم والتجربة. الأفراد الذين يتمتعون بهذه العقلية يرون التحديات كفرص للنمو ويستفيدون من الفشل كوسيلة للتعلم.
العقلية الثابتة
في المقابل، يعتقد أصحاب العقلية الثابتة أن الذكاء والمهارات غير قابلة للتغيير، مما يؤدي إلى تجنب المخاطر والتحديات خوفًا من الفشل. هذه النظرة تعيق التطور المهني وتحد من الإمكانيات المستقبلية.
ما هو التقدم الوظيفي وما علاقته بتطوير عقلية النمو؟
التقدم الوظيفي هو انتقال الفرد من مرحلة لأخرى أو من مستوى لآخر في حياته المهنية من خلال اكتساب مهارات جديدة، وتحقيق إنجازات ملموسة، والانتقال إلى وظائف ذات مسؤوليات أعلى أو مزايا أفضل. يمكن أن يكون هذا التقدم أفقيًا (تنقل بين وظائف بنفس المستوى ولكن في مجالات مختلفة) أو رأسيًا (ترقيات إلى مناصب أعلى).
إذا أردت أن تعرف ما العلاقة بين التقدم والوظيفي وعقلية النمو فدعنا ننظر إلى فوائد عقلية النمو في التقدم الوظيفي.
فوائد تطوير عقلية النمو في التقدم الوظيفي
القدرة على التعلم المستمر: في العالم الذي تتغير متطلباته بسرعة، القدرة على التعلم المستمر هي ميزة لأصحاب عقلية النمو. فهم يدركون أن البقاء على اطلاع دائم بالتطورات في مجالاتهم المهنية ليس مجرد خيار، بل ضرورة تمكنهم من التكيف بمرونة مع أي تغييرات قد تطرأ.
زيادة المرونة في مواجهة التحديات: بدلاً من الاستسلام للصعوبات، أصحاب عقلية النمو لا يرون فيها تهديدًا بل يتخذونها وسيلة لمعرفة أماكن الضعف في مهاراتهم ثم يعملون على تطويرها.
تحفيز الإبداع والابتكار: بما أنهم يرون الصعوبات فرصة للتحسين فإنهم لا يخشون التجربة والفشل، مما يساعدهم على البحث عن أفكار وحلول جديدة.
تحسين العلاقات المهنية: تحسين العلاقات المهنية لا يقتصر على تبادل المجاملات، بل يتحقق من خلال الانفتاح على النقد البناء والتعلم من الآخرين الذين يمتلكون خبرات ووجهات نظر مختلفة وهذا لا يمكن تحقيقه دون تبني عقلية النمو.
كيفية تطوير عقلية النمو للتقدم الوظيفي
1.تغيير طريقة التفكير حول الفشل
بدلاً من النظر إلى الفشل كدليل على عدم الكفاءة، يجب أن نعتبره فرصة للتعلم والتجربة. لابد أنك تعرف - وجربت ذلك بنفسك- أن بعض المهارات لن نتعلمها إلا إذا قمنا بتجربتها بنفسنا ثم نخطأ فيها حتى نستطيع تجنب هذا الخطأ مستقبلًا وننفذ العمل على أكمل وجه. يمكن تطوير هذه العقلية من خلال إعادة صياغة الأفكار السلبية إلى إيجابية. على سبيل المثال، بدلاً من التفكير بـ "أنا لست جيدًا في هذا العمل"، يمكن قول "سوف أتعلم مهارة (....) وأطبقها عمليًا ثم سوف أنجح في تنفيذ هذا العمل من خلال التدريب والممارسة".
2.تبني التعلم المستمر
لا يقتصر التعلم المستمر على اكتساب مهارات جديدة فقط، بل يمتد ليشمل تطوير القدرات الذهنية وتحسين الأداء الوظيفي بشكل عام.ويتحقق ذلك عن طريق الدورات التدريبية المتخصصة، والقراءة الموسعة في مجالات العمل، وحضور ورش العمل التفاعلية. وفقًا لدراسة أجرتها جامعة ستانفورد، فإن الموظفين الذين يستثمرون في التعلم المستمر تزيد فرص ترقيتهم بنسبة 47%. يمكنك البدء في رحلة التعلم المستمر من حضور دورات عن عقلية النمو نفسها مثل:
- دورة "Developing a Growth Mindset" – LinkedIn Learning: تعلم كيف تتبنى عقلية إيجابية وتتعامل مع التحديات كفرص للنمو.
- دورة "The Science of Growth Mindset" – Udemy: تشرح كيفية إعادة برمجة عقلك للتفكير بإيجابية وتحقيق أهدافك.
- دورة "Mindshift: Break Through Obstacles to Learning and Discover Your Hidden Potential" – Coursera (McMaster University): تعلم كيف تتغلب على العادات التي تعيق التعلم وتوسع إمكانياتك المهنية والشخصية.
3.البحث عن التحديات الجديدة
البقاء في منطقة الراحة قد يشعرك بالأمان، لكنه لا يجعلك تتحرك من مكانك وبالتالي لا يساعد على التطور. لذا، البحث عن مهام ومشاريع جديدة، حتى وإن بدت صعبة أو معقدة، لأنها توفر فرصًا للتعلم وتطوير المهارات والانتقال إلى مستوى أعلى بدلًا من أن نظل ثابتين عند نفس المستوى.
4.تطوير العادات اليومية للنمو
ابدأ بتحديد أهداف يومية صغيرة ، ثم قم بتقسيمها إلى خطوات عملية قابلة للتنفيذ. دوّن هذه الأهداف في مكان مرئي، وخصص وقتًا محددًا كل يوم للعمل عليها.
- بعد كل تجربة، سواء كانت ناجحة أو غير ذلك، خصص وقتًا لتسجيل الدروس المستفادة، وحاول أن تفهم ما الذي نجح وما الذي لم ينجح، وكيف يمكنك تحسين أدائك في المرة القادمة.
- اختم يومك بلحظات من التأمل الهادئ، وراجع إنجازاتك والصعوبات التي قابلتك، وقيّم أدائك المهني بموضوعية، وتصنيف أدائك إلى نقاط قوة وأخرى تحتاج إلى التحسين.
5.التفاعل مع الأشخاص الملهمين
إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، يتأثر بشكل كبير بمن حوله. لذا، فإن إحاطة النفس بأشخاص ناجحين ومحفزين، يتبنون عقلية النمو كمنهج، يمكن للمرء أن يحصل على الدعم والتشجيع والتوجيه اللازم لمواجهة التحديات وتحقيق الأهداف.
كيف تطبق عقلية النمو في بيئة العمل؟
1.استقبال النقد البناء بإيجابية
بدلاً من النظر إلى النقد على أنه هجوم شخصي أو إهانة، اطلب التقييم الصادق من المديرين والزملاء الذين تثق فيهم، حتى تفتح الباب أمام رؤى قيمة تساعدك على تحسين أدائك وتطوير مهاراتك. لا تترد أيضًا في طلب نصائح منهم أو خطوات عملية تتبعها لتحقيق هذا التحسين.
2.تطوير مهارات حل المشكلات
لتطبيق عقلية النمو عند مواجهة المشكلات في العمل، يمكن استخدام تقنيات مثل العصف الذهني والتفكير التصميمي لحل المشكلات بطرق مبتكرة. من أجل التعرف على هذه التقنيات يمكنك مطالعة دورات مثل:
- دورة "Creative Thinking: Techniques and Tools for Success" – Coursera (Imperial College London): تغطي تقنيات العصف الذهني، التفكير الإبداعي، وحل المشكلات بطرق جديدة.
- دورة "Brainstorming for Innovation" – LinkedIn Learning: تعلم كيف تدير جلسات عصف ذهني فعالة وتحول الأفكار إلى حلول عملية.
- دورة "Creativity, Innovation, and Change" – Coursera (Penn State University): تركز على كيفية استخدام الإبداع في حل المشكلات الشخصية والمهنية
3.التحلي بالصبر والمثابرة
التقدم الوظيفي ليست سباقًا سريعًا، بل هي مسار طويل يتطلب صبرًا جميلاً ومثابرة لا تلين. التطور المهني لا يتحقق بين يوم وليلة، بل هو نتيجة لجهود متواصلة.
أسئلة شائعة حول كيفية تطوير عقلية النمو للتقدم الوظيفي
كيف يمكنني تغيير طريقة تفكيري من عقلية ثابتة إلى عقلية نمو؟
- إدراك أن المهارات والقدرات ليست ثابتة ويمكن تطويرها بالتدريب.
- تقبل الفشل كجزء من عملية التعلم.
- البحث عن التحديات الجديدة بدلًا من تجنبها.
كيف أتعامل مع الفشل وأستخدمه كفرصة للنمو؟
- بدلًا من الشعور بالإحباط عند الفشل، حاول أن تسأل نفسك:
- ما الذي يمكنني تعلمه من هذه التجربة؟
- كيف يمكنني تحسين أدائي في المستقبل؟
- ما هي المهارات أو المعرفة التي أحتاج إلى تطويرها لتجنب هذا الخطأ مستقبلاً؟
ما هي العادات اليومية التي تساعد على تطوير عقلية النمو؟
- قراءة الكتب والمقالات التي توسع مداركك.
- تجربة أشياء جديدة حتى لو كانت خارج منطقة راحتك.
- تخصيص وقت يومي للتأمل في الإنجازات والتحديات.
- طلب التغذية الراجعة من الآخرين والعمل بها.
- وضع أهداف قصيرة وطويلة المدى والعمل على تحقيقها تدريجيًا.
كيف أتعامل مع القلق أو الخوف من الفشل عند تجربة شيء جديد في العمل؟
- إدراك أن الخوف طبيعي، لكنه لا يجب أن يمنعك من المحاولة.
- التركيز على التعلم من التجربة بدلاً من القلق بشأن النتيجة.
- تقسيم المهام الكبيرة إلى خطوات صغيرة يمكن تنفيذها بسهولة.
- الاحتفاء بالنجاحات الصغيرة لتعزيز الثقة بالنفس.
هل كنت تعرف أن جيف بيزوس مؤسس أمازون بدأ أمازون كمتجر صغير للكتب عبر الإنترنت، لكنه كان يؤمن بإمكانية تطوير عمله من خلال التعلم المستمر وتجربة أفكار جديدة، حتى أصبح أمازون أكبر منصة للتجارة الإلكترونية عالميًا. وبالمثل أوبرا وينفري الإعلامية الأمريكية واجهت العديد من التحديات في بداية حياتها المهنية، لكنها لم تستسلم واستمرت في تطوير مهاراتها الإعلامية حتى أصبحت واحدة من أنجح الشخصيات الإعلامية في العالم.
هذه أمثلة حية عن كيفية تطوير عقلية النمو للتقدم الوظيفي تثبت لك أن تبني عقلية النمو هو المفتاح الأساسي لتحقيق التقدم الوظيفي. وتثبت لك أن النجاح ليس مجرد نتيجة للذكاء أو الموهبة، بل هو انعكاس للعقلية التي نختار تبنيها والطريقة التي نتعامل بها مع التحديات.